
مقاوَمة المضادّات الحيويّة هي أحد أكبر التحدّيات في الصحّة العامّة في عصرنا، وفي الواقع، تتوفّر خيارات علاجيّة قليلة للأشخاص المصابين بالبكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة. كيف يمكننا تفادي التهابات الجلد المقاوِمة للمضادّات الحيويّة؟ مَن هو المعرَّض للخطر؟ ما هي أفضل طريقة للعلاج؟ جمعْنا لكم، في المقالة التالية، معلومات حول ما تجدر معرفته عن التهابات الجلد المقاوِمة
دور المضادّات الحيويّة هو قتل البكتيريا أو منعها من التكاثر (غير فعّالة ضدّ الڤيروسات). يعود مصدر المضادّات الحيويّة إلى واحد من ثلاثة: المضادّات الحيويّة التي يتمّ إنتاجها في الطبيعة، بشكل طبيعيّ، من قبَل كائنات حيّة دقيقة مختلفة، أو المضادّات الحيويّة شبه الاصطناعيّة التي يتمّ إنتاجها من المضادّات الحيويّة الطبيعيّة، أو المضادّات الحيويّة التي يتمّ إنتاجها بشكل اصطناعيّ بناءً على المبنى الكيميائيّ للمضادّات الحيويّة الطبيعيّة.
بدأ إنتاج المضادّات الحيويّة مع اكتشاف الپنسلين في أواخر الأربعينات من القرن الماضي واستمرّ، بنجاح كبير، حتّى السبعينات والثمانينات من القرن العشرين. منذ ذلك الحين، أصبح تطوير أدوية جديدة ومفيدة من المضادّات الحيويّة أكثر تعقيدًا. إلى جانب التقدّم في هذا المجال، أخذت في التطوّر، خلال هذه الفترة أيضًا، مقاوَمة بكتيريا معيّنة للمضادّات الحيويّة، وهي مشكلة كبيرة لا نزال نواجهها اليوم أيضًا.
عمومًا، يُعتبر وجود بكتيريا في الجسم حالة طبيعيّة لا تعرّض صحّة المعالَج وبيئته للخطر، وفي الحقيقة يعيش الكثير منها، بشكل دائم، في مختلف أجهزة أجسامنا، مثل الجهاز الهضميّ. مع ذلك، يمكن أن تؤدّي البكتيريا إلى تطوّر مجموعة متنوّعة من الالتهابات المختلفة المتفاوتة الشدّة – بدءًا من الالتهابات التي لا تؤدّي إلى نشوء أعراض على الإطلاق وانتهاءً بتلك التي تؤدّي إلى مرض عاصف. أدّى الاستخدام المفرط وغير الحكيم للمضادّات الحيويّة إلى تطوّر بكتيريا مقاوِمة للأدوية الشائعة. الالتهابات التي تسبّبها هذه البكتيريا يكون علاجها أكثر صعوبة، وقد تتطلّب أحيانًا الرقود في المستشفى لفترات طويلة، وزيارات الطبيب للمتابعة والعلاج ببدائل باهظة الثمن، ومن ضمنها تلك التي تؤدّي إلى أعراض جانبيّة ومضاعفات معقّدة.
المقاوَمة البكتيريّة للمضادّات الحيويّة تعرِّض للخطر علاجات معتمدة، مثل استبدال المفاصل، زرع الأعضاء وعلاج السرطان. عند تنفيذ هذه الإجراءات، هناك خطر كبير للإصابة بعدوى لا يمكن علاجها، ما لم تتوفّر مضادّات حيويّة فعّالة. عدا عن إيذاء المعالَج، فإنّ مقاوَمة المضادّات الحيويّة تنطوي أيضًا على عواقب أكثر شموليّةً: قد يُصاب أشخاص آخرون بالعدوى، وهذا سيؤدّي إلى انتشار البكتيريا المقاوِمة بين السكّان.
يمكن أن تحدث المقاوَمة البكتيريَّة من خلال العديد من الآليّات. تعتمد الآليّة على منطقة الجسم وطريقة عمل المضادّ الحيويّ. يمكن تصنيف المقاوَمة إلى مقاوَمة داخليّة أو مقاوَمة مكتسبة: في البداية، لا يؤثّر موقع عمل المضادّ الحيويّ على البكتيريا. تحدث المقاوَمة المكتسبة من خلال تكيُّف البكتيريا مع بيئتها، والتي تتجلّى عن طريق تغيير الموقع المستهدف للمضادّ الحيويّ أو طرد المضادّ الحيويّ إلى الخارج. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُنتِج البكتيريا كمّيّات كبيرة من البروتينات التي تعطّل عمل المضادّات الحيويّة.
هناك العديد من البكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة التي يمكن أن تسبّب التهابات الجلد:
هي من البكتيريا الشائعة التي تسبّب التهابات الجلد. بكتيريا المُكوَّرَة العُنقوديّة البرتقاليّة يمكن أن تسبّب مجموعة متنوّعة من التهابات الجلد، مثل مرض القوباء، التهاب بصيلات الشعر (التهاب الجريبات)، التهابات حول العينين، الخُراج (الدمّل) في مناطق مختلفة من الجسم، وغير ذلك. في الغالب، يمكن علاج معظم التهابات الجلد التي تسبّبها هذه البكتيريا بسهولة. مع ذلك، هناك سُلالات تقاوم أنواعًا مختلفة من المضادّات الحيويّة، بما في ذلك الپنسلين، الميثيسيلين، الفانكومايسين، الموبيروسين والكينولونات، وقد جعلت هذه السلالات علاج التهابات الجلد التي تسبُّبها أكثر تعقيدًا.
هذه البكتيريا هي أيضًا عامل شائع لالتهابات الجلد. في الغالب، لا تكون هذه البكتيريا موجودة على سطح الجلد السليم، والذي لا يشكّل بيئة مثاليّة لها، وهي تظهر بعد حدوث التهاب أو إصابة في سلامة الجلد. طوّرت بكتيريا المُكوَّرَة العِقْديّة مقاوَمة للمضادّات الحيويّة المختلفة، مثل الإريثروميسين والماكروليدات. مع ذلك، فإنّ معظم المُكوَّرات العِقْديّة حسّاسة للپنسلين، وحتّى إذا كان هناك شكّ أحيانًا في وجود مقاوَمة معتدلة للپنسلين، ففي الإمكان التغلُّب عليها، عادةً، بجرعات أعلى من الپنسلين. هذه البكتيريا هي المسؤولة الأساسيّة عن التهاب جلديّ شديد يُسمّى التهاب اللفافة الناخر (necrotizing fasciitis)، وهي تسبّب أيضًا التهابات أخرى مثل القوباء.
وهي البكتيريا الأكثر شيوعًا على سطح الجلد، وتتواجد لدى جميع البالغين تقريبًا. عادةً ما تعيش هذه البكتيريا في بصيلات الغدّة الدهنيّة في الجلد. ارتبطت بكتيريا C. acnes بمرض حَبّ الشباب الشائع (acne vulgaris) على مدى فترة طويلة. ورغم أنّ وجودها لا يُفسّر تمامًا تطوّر مرض حبّ الشباب، إلّا أنّ الافتراض هو أنّها تؤدّي دورًا مهمًّا في العمليّة الالتهابيّة للمرض، وهو ما ينعكس في التحسُّن السريريّ لنُدَب حبّ الشباب عند معالجتها بالمضادّات الحيويّة الموضعيّة والجهازيّة. للأسف الشديد، تتزايد مقاوَمة أنواع المضادّات الحيويّة المستخدمة في علاج حبّ الشباب، الأمر الذي يؤدّي إلى فشل العلاج لدى معالَجين استفادوا منه في الماضي.
توجد مقاوَمة للبكتيريا لكلّ من: إريثروميسين، دوكسيسيكلين وكلينداميسين. بعد تطوّر مقاوَمة المضادّات الحيويّة، أصبح من المتّبع اليوم الحدّ من استخدام المضادّات الحيويّة كعلاج لحبّ الشباب ودمجها مع مستحضرات أخرى، من أجل الحدّ من ظاهرة مقاوَمة المضادّات الحيويّة.
هذه البكتيريا تسبّب الالتهاب بشكل أقلّ شيوعًا. وهي موجودة في التربة والمياه العذبة. تخترق هذه البكتيريا الجلد من خلال بصيلات الشعر أو تشقّقات الجلد. يرتبط التهاب بصيلات الشعر (التهاب الجُريبات) الناجم عن البكتيريا بالبقاء لفترة طويلة في الماء وبظروف النظافة السيّئة في برك السباحة العامّة. تقاوم هذه البكتيريا معظم أنواع المضادّات الحيويّة، لكنّ التهاب الجلد الناجم عنها غالبًا ما يزول في غضون 2-10 أيّام لدى الشخص السليم. الالتهاب الناجم عن هذه البكتيريا يكون أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
الدعامة الأساسيّة لتشخيص الأمراض الالتهابيّة المُعدِية هي مستنبت أنسجة مصابة أو سوائل (مثل الدم، البول، البلغم، قيح الجرح). يمكن إرسال عيّنات من مستنبت بكتيريا، فطريّات أو ڤيروسات. الحالة المثلى هي أن تُجمَع العيّنات قبل إعطاء العلاج بالمضادّات الحيويّة، لكن في الحالات التي يكون فيها تسلسل الأحداث هذا غير ممكن من ناحية سريريّة، ستكون هناك أهمّيّة خاصّة لإجراء فحص مجهريّ للعيّنة.
المعالَجون المعرّضون لخطر العدوى بالبكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة هم الذين لديهم عوامل الخطر التالية:
يجب على الأشخاص الموجودين في بيئة مُعرِّضة للعدوى (المستشفيات، مراكز التمريض، الجنود في الميدان) الحرص على النظافة الشخصيّة والبيئيّة، وخاصّةً غسل اليدين بالماء والصابون. كذلك، يُوصى بتجنّب نقل الأغراض الشخصيّة، مثل المناشف والشراشف وشفرات الحلاقة.
لمنع انتشار البكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة يجب اتّباع الخطوات التالية:
للتلخيص، أدّى الاستخدام المفرط وغير الضروريّ للمضادّات الحيويّة إلى أن تصبح البكتيريا قادرة على تطوير مقاوَمة ضدّ الدواء. الالتهابات التي تسبّبها هذه البكتيريا، بما فيها التهابات الجلد، علاجُها صعب، وقد يكون بعضها مهدِّدًا للحياة. عند الشكّ في وجود التهاب جلديّ، يجب تأكيد التشخيص عبر أخذ مستنبت من الجلد. لمنع انتشار البكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة، من المهمّ استخدام مستحضرات المضادّات الحيويّة بموجب توصية من الطبيب/ة فقط، كما أنّه يُمنع اقتراح أدوية لأيّ شخص أو أخذ أدوية من أيّ شخص غير مؤهّل لذلك.
*ليس من شأن ما ورد في هذه المقالة أن يشكّل توصية و/أو استشارة طبّيّة. لمزيد من المعلومات، يُرجى التوجّه إلى الطبيب/ة المعالِج/ة.
يرجى الانتباه إلى أنّه تمّت صياغة وكتابة المقالات الواردة في هذا الموقع أساسًا باللغة العبريّة، ومن ثمّ تُرجمت إلى اللغة العربيّة. لذلك، قد تجدون بعض الاختلافات و/أو عدم الملاءَمة التامّة بينها وبين مقالات الموقع باللغة العبريّة.