
يستخدم الكنابس (القُنَّب أو الماريحوانا الطبّيّة) لأغراض طبّيّة منذ مئات السنين، والموادّ التي تحقّق أكبر فائدة فيه هي الكانابينويدات – مجموعة من المركّبات الكيميائيّة الموجودة بشكل طبيعيّ فيه وتؤثّر على الوظائف الفسيولوجيّة المختلفة في أجسامنا. حدّدت الأبحاث في العقود الأخيرة أكثر من 100 نوع من الكانابينويدات، وأكثر ما يُبحث منها هما THC وCBD. تُعتبر هاتان المادّتان من الكانابينويدات المركزيّة التي تُنتج معظم التأثيرات الطبّيّة المنسوبة إلى هذه النبتة.
كشفت الأبحاث الطبّيّة الحديثة عن الإمكانات الطبّيّة الكامنة في الكنابس ومدى فعاليّة هذه النبتة في علاج مجموعة متنوّعة من الحالات الطبّيّة والأمراض. حتّى اليوم، هناك قائمة طويلة ومحترمة من الحالات الطبّيّة وأنواع الأمراض التي يمكن أن يكون للعلاج بالكنابس الطبّيّ تأثير إيجابيّ عليها، وعند توفّر الشروط المناسبة يمكن الحصول على موافقة على استخدامه في إسرائيل.
من المهمّ أن نتذكّر أنّ الأبحاث حول هذا الموضوع قليلة في الوقت الحالي، وأنّ بعضها ليس شاملًا بقدر كافٍ. فعلى الرغم من تقدّم البحث، إلّا أنّه لا تزال أمامنا طريق طويلة لقطعها في مجال البحث في الفوائد الطبّيّة لهذه النبتة.
تناول معظم تأثيرات الكنابس التي تمّ بحثها حتّى الآن كلّ ما يتعلّق بآلام الأعصاب المزمنة الناشئة عن إصابة الأعصاب. وكشف استطلاع (مراجعة) من عام 2015 فحص 28 بحثًا (وضمّت 2,454 مشاركًا) تناول تأثير الكنابس على الألم المزمن، أنّ موادّ الكانابينويدات تؤدّي إلى تحسُّن في مؤشّرات الألم. مع ذلك، لم تكن لهذا التحسُّن دلالة إحصائيّة بارزة في معظم الأبحاث. وفقًا للمراجعة نفسها، عندما تمّت مقارنة تأثير الكنابس بتأثير الدواء الوهميّ (پلاسيبو) – لاحظوا أنّ عدد المشاركين الذين أبلغوا عن حدوث تحسُّن لديهم بنسبة %30 في الألم كان أكبر في المجموعة التي تناولت الكنابس مقارنة بأولئك الذين تناولوا الدواء الوهميّ.
الاستطلاع الذي أجري عام 2018 كان أكثر شموليّةً، فقد عرض 47 بحثًا شارك فيه ما مجموعه 4,743 شخصًا عانوا من أنواع مختلفة من الألم المزمن (بدون آلام الأورام). في هذه المراجعة، أبلغ نحو %30 من المشاركين عن انخفاض في الألم، إلّا أنّ الفارق هنا مُقارنة بمجموعة الدواء الوهميّ كان أقلّ بقليل، إذ بلغت نسبة الأشخاص الذين أبلغوا عن انخفاض في الألم %26 فقط.
يعدّ مرض الكرون والتهاب القولون النوعين الأكثر شيوعًا بين أمراض الأمعاء الالتهابيّة. تؤثّر الأعراض على جودة حياة المرضى وتشمل، ضمن أمور أخرى، آلام البطن، الإسهال، فقدان الشهيّة، فقدان الوزن والحمّى. يمكن أن تظهر هذه الأعراض بدرجات متفاوتة من الشدّة، ويمكن أن تظهر وتختفي بالتناوب. أظهرت الأبحاث التي فحصت استخدام الكنابس الطبّيّ في أوساط معالَجين يعانون من أمراض الأمعاء الالتهابيّة تحسّنًا من ناحية عدد الأعراض، وكذلك من ناحية جودة حياة المعالَجين. على الرغم من جميع الأبحاث، لم يتمّ العثور على أدلّة واضحة على قدرة الكنابس على ضبط الالتهاب (وهو مصدر الأعراض) أو تحسين نشاط المرض.
فحص استطلاع من 2018 بحثين اثنين شملا 92 مشاركًا يعانون من التهاب القولون التقرّحيّ النشط. قارن البحث بين استخدام مستحضر CBD واستخدام دواء وهميّ. لم يتمّ العثور على فرق بين كلتا المجموعتين في تأثير الكنابس الطبّيّ على هَدْأة أعراض المرض، لكنّ الأشخاص الذين تناولوا CBD أبلغوا عن المزيد من الأعراض الجانبيّة. كشف بحث آخر، فحص الكنابس من خلال التدخين، أنّه بعد 8 أسابيع من الاستخدام كان المرض أقلّ نشاطًا في أوساط مَن تناولوا الكنابس مقارنةً بمجموعة الدواء الوهميّ.
فحص استطلاع آخر من عام 2018 ثلاثة أبحاث شملت 93 معالَجًا يعانون من مرض الكرون. قارنت هذه الأبحاث بين تناول الكنابس الطبّيّ عن طريق التدخين وبين العلاج الوهميّ، أو زيت الكنابس في مقابل الدواء الوهميّ. أظهر قسم من المعالَجين الذين استخدموا الكنابس عن طريق التدخين أو زيت الكنابس تحسّنًا في الأعراض، إلّا أنّ قسمًا منهم عانى من أعراض جانبيّة غير مرغوب فيها. لم يتوصّل الاستطلاع إلى نتيجة واضحة حول ما إذا كانت الفوائد المحتملة للكنابس عن طريق التدخين، أو لزيت الكنابس، أكبر من الأضرار المحتملة من جرّاء استخدام موادّ مرتكزة على الكنابس.
يُعتبر فقدان الوزن ظاهرة مألوفة بين الأشخاص الذين لديهم إيدز. على مرّ السنين، تمّ إجراء عدد من الأبحاث التي فحصت مدى تأثير الكانابينويدات أو الكنابس على الشعور بالشهيّة ثمّ على فقدان الوزن في أوساط أشخاص لديهم إيدز. هناك بعض الأدلّة على أنّ الكنابس الكانابينويدات تحسّن هذه المؤشّرات لدى الأشخاص الذين لديهم إيدز.
أجري في عام 2015 استطلاع ارتكز على 23 بحثًا شمل 1,326 مشاركًا. فحص الاستطلاع مدى تأثير اثنين من الأدوية المعتمدة المرتكزة على CBD في تخفيف حالات الغثيان والتقيّؤ في أعقاب تلقّي علاجات كيميائيّة في أوساط مرضى أورام سرطانيّة. أظهرت الاستنتاجات أنّ الأدوية المرتكزة على CBD كانت أكثر فعاليّة في تحسين الأعراض من الدواء الوهميّ، لدرجة أنّها كانت شبيهة بفعاليّة أدوية أخرى مستخدمة لنفس الغرض. إلى جانب ذلك، أبلغ الذين تناولوا الأدوية الكانابينويديّة عن قدر أكبر من الأعراض الجانبيّة، مثل الدوخة أو النعاس.
اشتمل استطلاع (مراجعة) شامل من عام 2021 على أبحاث فحصت تأثير الكنابس على اضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD)، وتبيّن منه أنّ الكنابس، بشكل عامّ، حسّن جودة حياة وأداء أولئك الذين يعانون من هذا الاضطراب وأدّى إلى انخفاض أعراضه. كما تبيّن منه أنّ الأعراض الجانبيّة الأكثر شيوعًا كانت جفاف الفم، الصداع والتغيّرات السلوكيّة. مع ذلك، هناك اتفاق واسع على أنّ ثمّة حاجة إلى أبحاث أكبر وأعمق وأطول أجَلًا لكي نتمكّن من التوصّل إلى استنتاجات مؤكّدة حول فعاليّة الكنابس الطبّيّ لدى مَن يعانون من PTSD.
كشف استطلاع (مراجعة) لـ 17 بحثًا فحص مجموعة متنوّعة من مستحضرات الكنابس بمشاركة 3,161 مريضًا يعانون من التصلُّب المتعدّد أنّ تناول الكانابينويدات يحسّن بشكل طفيف التوتّر العضليّ العالي (التشنُّج) الذي يميّز المرض، الآلام والمشاكل التي في المثانة. مع ذلك، أقرّت الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأعصاب التي نشرت توصيات العلاج في عام 2014 أنّه لا يتوفّر بعد قدر كاف من الأدلّة من أجل تقييم تأثير الكنابس عن طريق التدخين على أعراض المرض.
فحص بعض الأبحاث فعاليّة وسلامة الكانابينويدات (في الأساس، CBD) في علاج النوبات المرتبطة بالصرع – مرض يتميّز بصعوبة السيطرة عليه وعلى أعراضه من خلال العلاج الدوائيّ. بناءً على تلك الأبحاث، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة على العلاج بمستحضرات الـ CBD عن طريق الفم لعلاج النوبات المرتبطة بمتلازمة لينوكس-غاستو أو بمتلازمة دراڤِت (Lennox - Gastaut syndrome, Dravet Syndrome).
أظهر استطلاع (مراجعة) أجري عام 2015 لبحثين مُراقبَين بالدواء الوهميّ (الپلاسيبو)، بمشاركة 36 معالَجًا، أنّ المادّة الفعّالة THC قد تكون مرتبطة بالتحسُّن الكبير في حدّة التشنّجات اللاإراديّة لدى مرضى متلازمة توريت.
يعدّ تخفيف الألم والأعراض المُثقلة الأخرى، إلى جانب تحسين جودة الحياة، من أساسيّات العلاج التلطيفيّ. في استطلاع (مراجعة) أجري عام 2019، شمل تسعة أبحاث، كان من الصعب استخلاص استنتاجات واضحة بسبب كمّيّة الأدلّة وتدنّي جودتها حول فعاليّة استخدام الكنابس في العلاج التلطيفيّ. إلى جانب ذلك، كان الكنابس الطبّيّ أكثر فعاليّة بكثير من الدواء الوهميّ (الپلاسيبو) في تحسين الشهيّة وزيادة الوزن لدى مرضى الإيدز التلطيفيّين. مع ذلك، من المهمّ معرفة أنّ الأعراض الجانبيّة النفسيّة تفاقمت لدى هذه المجموعة.
الأبحاث التي فحصت ما إذا كان تدخين الكنابس الطبّيّ مرتبطًا بخطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان، وجدت ما يلي:
* ليس من شأن ما ورد في هذه المقالة أن يشكّل توصية و/أو استشارة طبّيّة. لمزيد من المعلومات، يُرجى التوجّه إلى الطبيب/ة المعالِج/ة.
يرجى الانتباه إلى أنّه تمّت صياغة وكتابة المقالات الواردة في هذا الموقع أساسًا باللغة العبريّة، ومن ثمّ تُرجمت إلى اللغة العربيّة. لذلك، قد تجدون بعض الاختلافات و/أو عدم الملاءَمة التامّة بينها وبين مقالات الموقع باللغة العبريّة.