
من الممكن أن يؤدّي اضطراب الإصغاء والتركيز إلى إضعاف الوظائف التنفيذيّة وبالتالي إلى تعطيل الكثير من مجالات الحياة. اقرأوا كيف يمكن التعامل مع هذه الصعوبة
اضطراب الإصغاء والتركيز (ADHD) – وأعراضه الأساسيّة هي نقص الإصغاء والتركيز، فرط النشاط والاندفاع – يمكن أن يُلحِق الضّرر بالوظائف التنفيذيّة، وبالتالي يعطّل الكثير من مجالات الحياة. ما هي الوظائف التنفيذيّة، في الحقيقة؟ مجموعة من الأداءات الإدراكيّة العليا، مثل التخطيط لسلسلة من الإجراءات لتحقيق هدف ما، التركيز على مهمّة ما في لحظة معيّنة، الانتقال إلى مهمّة أخرى عند الضرورة، وقمع الرغبة في القيام بعمل غير ضروريّ. نحن نحتاج إلى هذه الوظائف للتركيز وللتفكير، ولتخطيط خطواتنا والتحكّم فيها.
من المفهوم أنّ إلحاق الضرر بالوظائف التنفيذيّة يؤثّر سلبًا على قدرة الشخص على الشروع في مهامّ، تنفيذها وإكمالها، ومن المقبول الاعتقاد بأنّه مرتبط بشدّة بأعراض ADHD. وفقًا للنظريّة الأساسيّة في هذا المجال، يتطوّر اضطراب الإصغاء والتركيز بسبب انخفاض في وظيفة اثنين من الناقلات العصبيّة والموادّ الكيميائيّة التي تحفّز النشاط العصبيّ، وتؤدّي دورًا حيويًّا في التفكير والانتباه، وهما: دوپامين ونورادرينالين (نورپينفرين). نظريًّا، قد تنبع هذه الأعراض، وخاصّة نقص الإصغاء، من خلل في الوظائف التنفيذيّة.
ثمّة باحثان بارزان في مجال ADHD يتعاملان مع الوظائف التنفيذيّة، هما د. راسل باركلي ود. توماس براون. يقسم باركلي الوظائف التنفيذيّة إلى هذه المجالات: الذاكرة العاملة (آليّة معرفيّة تحافظ على المعلومات في أثناء المهامّ من أجل تنفيذها، مثل التفكير، الفهم والتعلّم)، الانضباط الذاتيّ، ووفقًا لها فإنّ حالات القصور في أداء الوظائف التنفيذيّة لمَن لديهم ADHD تسبّب مجموعة معقّدة من المشاكل في الأداء وفي الحياة. من بينها، على سبيل المثال: العديد من حالات تشتُّت الفكر، حالات الاندفاع، صعوبات الإصغاء والتركيز، الصعوبة في التنظّم والمواظبة، ومشاكل تتعلّق بإدارة الوقت وغير ذلك. قد تؤدي هذه إلى مشاكل في العديد من مجالات الحياة، مثل التحصيل الدراسيّ، العمل، والعلاقات الاجتماعيّة السيّئة مع الأصدقاء، أفراد الأسرة وشريك/ة الحياة (معدّل طلاق الأشخاص الذين لديهم ADHD أعلى من الأشخاص الذي ليس لديهم هذا الاضطراب).
في المقابل، يقسم براون الوظائف التنفيذيّة إلى عدّة فئات، من بينها: التنظيم، تنفيذ المهام وتحديد أولويّاتها، التركيز على المهمّة، ضبط اليقظة والمشاعر، القدرة على بذل الجهد والحفاظ على وتيرة معالجة المعلومات، استخدام الذاكرة العاملة، الانضباط الذاتيّ والمراقبة الذاتيّة. وفقًا لبراون، تعمل هذه الفئات مندمجةً معًا، والأشخاص الذين لديهم ADHD يعانون من خلل في عدّة جوانب من كلّ فئة، في الأقلّ.
العمل هو مثال على مجال مركزيّ يتضرّر بالوظائف الإداريّة الضعيفة؛ يواجه الكثير من البالغين الذين لديهم ADHD مجموعة متنوّعة من التحدّيات في مكان العمل، مثل ضعف مهارات الاتّصال، التخطيط وإدارة العمل، ويمكن أن يسبّب اضطرابها إلى صعوبات في أداء الفروض، وإلى أخطاء نابعة عن تشتُّت الفكر وإلى مناوشات مع الزملاء والمديرين. قد تؤدّي هذه المشاكل إلى التوبيخ، أو تعليق العمل أو فقدان مكان العمل. أكّد بحث أجرته منظّمة الصحّة العالميّة (WHO) أنّه عندما لا يتمّ علاج البالغين الذين لديهم ADHD فإنّهم يفقدون 22 يوم عمل في المتوسّط سنويًّا. إضافة إلى ذلك، فإنّهم أكثر عرضة بنسبة %30 للمعاناة أكثر من غيرهم من مشاكل عمل دائمة، وأكثر عرضةً بـ %60 لاحتمال فصلهم من العمل، واحتمال تركهم العمل من جرّاء حالات الاندفاع أكثر بثلاثة أضعاف من غيرهم.
يمكن أن تكون المشاكل المستمرّة في العمل وانتهائه كنتيجة لذلك تجربة لا تضرّ بمصدر الرزق فحسب، وإنّما أيضًا بالثقة بالنفس على المدى الطويل والشعور بعدم القدرة على تلبية التوقّعات الاجتماعيّة، كشخص وكعامل.
يمكننا أن نفهم أنّ ADHD قد يسبّب الكثير من الصعوبات الوظيفيّة والنفسيّة لأولئك الذين يتعاملون معه وللأشخاص الذين حولهم (مثل الوالدين، شريك/ة الحياة، الأصدقاء، الزملاء والمديرين)، وهناك حاجة إلى طرق علاج مختلفة ومتنوّعة.
إذا كنتم تخشون من أنّكم تعانون من اضطراب الإصغاء والتركيز – توجّهوا إلى الطبيب المعالِج لإجراء تشخيص وفهم طرق العلاج الملائمة لكم.
*ليس من شأن ما ورد في هذه المقالة أن يشكّل توصية و/أو استشارة طبّيّة. لمزيد من المعلومات، يُرجى التوجّه إلى الطبيب/ة المعالِج/ة.
يرجى الانتباه إلى أنّه تمّت صياغة وكتابة المقالات الواردة في هذا الموقع أساسًا باللغة العبريّة، ومن ثمّ تُرجمت إلى اللغة العربيّة. لذلك، قد تجدون بعض الاختلافات و/أو عدم الملاءَمة التامّة بينها وبين مقالات الموقع باللغة العبريّة.