
ADHD هو اضطراب نمائيّ-عصبيّ غالبًا ما يتمّ تشخيصه في مرحلة الطفولة وهو يتطلّب علاجًا لمنع لحاق ضرر بالأداء السلوكيّ، الدراسيّ، الاجتماعيّ والأسَريّ
اضطراب الإصغاء والتركيز (ADHD – Attention Deficit Hyperactivity Disorder) هو اضطراب نمائيّ-عصبيّ أعراضه الأساسيّة هي نقص الإصغاء، فرط النشاط والاندفاع. لكن لا تظهر هذه الأعراض معًا دائمًا. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون لدى الشخص نقص في الإصغاء لكن بدون فرط النشاط والاندفاع. من الممكن أن يظهر هذا الاضطراب في الطفولة (في سنّ 3 إلى 6 سنوات، أحيانًا)، ويستمرّ في مرحلة البلوغ، ويسبّب اضطرابًا في الأداء في شتّى المجالات (مثل الدراسة، العمل، المجتمع والحياة الزوجيّة) وضائقة، ويكون له تأثير سلبيّ على المحيط القريب، أيضًا.
تشير التقديرات إلى أنّ نحو %5-%10 من أطفال المدرسة أبناء سنّ 12-6 ونحو %5 من السكّان البالغين يعانون من هذا الاضطراب. ويستمرّ قسم لا بأس به من الأطفال في المعاناة منه في سنّ المراهقة والبلوغ أيضًا. في العقد الأخير كانت هناك زيادة في انتشار الاضطراب في جميع أنحاء العالم، وفي إسرائيل، أيضًا.
التوجّه لإجراء تشخيص مهنيّ للاضطراب هو الخطوة العمليّة الأولى تمهيدًا لتلقّي علاج. التشخيص والعلاج المبكّران حيويّان لمنع لحاق ضرر في الأداء السلوكيّ، الدراسيّ، الاجتماعيّ والأسَريّ.
يُسمَح في إسرائيل بتشخيص هذا الاضطراب وعلاجه لكلٍّ من: اختصاصيّ في طبّ الأعصاب للأطفال ونموّ الطفل، اختصاصيّ في الطبّ النفسيّ للأطفال والفتيان، طبيب أطفال يتمتّع بخبرة لا تقلّ عن ثلاث سنوات في نموّ الطفل، طبيب أطفال/أسرة اختصاصيّ أنهى الاختصاص واكتسب خبرة في مجال ADHD، واختصاصيّ في طبّ الأعصاب أو الطبّ النفسيّ للبالغين.
يتمّ تشخيص الاضطراب لدى الأطفال، في كثير من الحالات، عند الدخول إلى المدرسة. في هذه المرحلة يجب التكيُّف مع معايير سلوكيّة جديدة، تختلف عن تلك الموجودة في روضة الأطفال. على سبيل المثال، الجلوس بهدوء، الإصغاء والتركيز لفترة طويلة، التنظُّم، تنفيذ تعليمات وإنهاء فروض. سيجد الطفل الذي يعاني من الاضطراب صعوبة في القيام بذلك، وهذا ما قد يقود إلى اكتشاف الاضطراب لديه من قبل الطاقم التربويّ وبالتالي إرساله لإجراء التشخيص. مع ذلك، في الصفوف الأولى من المدرسة الابتدائيّة (الأوّل-الرابع) لا يتمّ تشخيص الكثير من الأطفال الذين لديهم ADHD، خصوصًا أولئك الذين ليس لديهم فرط النشاط وذوي القدرة الذهنيّة العالية التي يمكنها أن تسهّل عليهم التعاطي مع الصعوبة.
يستعين اِختصاصيّ التشخيص بمعلومات من المعلّمين وأولياء الأمور، باستبيانات تشخيص هم يعبِّئونها (مثل استبيان كونرز)، بانطباع سريريّ عامّ، بتاريخ تفصيليّ (بما في ذلك الخلفيّة العائليّة)، بفحوص طبّيّة ضروريّة لنفي أسباب أخرى للأعراض (مثل اضطراب نمائيّ أو عقليّ)، وإذا اقتضت الحاجة – بأدوات تشخيصيّة إضافيّة، مثل الاختبارات المحوسبة/ النفسيّة والتقييم المعرفيّ.
عند تشخيص البالغين أيضًا، غالبًا ما يستعين اِختصاصيّ التشخيص بمعلومات من مصادر عدّة، مثل محادثة مع المعالَج، مراجعة تاريخه وأدائه في الحاضر والماضي (على سبيل المثال في العمل، المجتمع وشبكات العلاقات)، ومعطيات يتمّ الحصول عليها من أفراد الأسرة، الأقارب، وأحيانًا من معلّمين سابقين. في بعض الأحيان، يتمّ أيضًا إجراء اختبارات للقدرة المعرفيّة من أجل نفي وجود عسْر تعلّميّ.
في نهاية الأمر، يستعين التشخيص لدى كلّ من الأطفال والبالغين، بشكل أساسيّ، بالمعايير التي يحدّدها الـ DSM– كتاب التشخيصات النفسيّة الذي تصدره الجمعيّة الأمريكيّة للطبّ النفسيّ (APA). ووفقًا له، فإنّ تشخيص ADHD يجب أن يُجرى إذا كان هناك نمط مستمرّ من عدم الإصغاء و/أو فرط النشاط والاندفاع لا يتناسب مع مستوى التطوُّر ويضرّ به أو بالأداء. بناءً على ذلك، يمكن تشخيص الولد (حتّى سنّ 16 عامًا) بأنّ لديه ADHD إذا ظهر لديه ستّة أو أكثر من أعراض عدم الإصغاء والتركيز، فرط النشاط والاندفاع على مدى نصف عام في الأقلّ، ويمكن تشخيص البالغ (من سنّ 17 عامًا فأكثر) بأنّ لديه ADHD إذا ظهر لديه خمسة أو أكثر من هذه الأعراض على مدى نصف عام في الأقلّ. مع ذلك، إنّ تشخيص البالغين يتطلّب ظهور عدّة أعراض قبل سنّ 12 عامًا. وذلك لأنّ التفسير المرجَّح هو أنّه لا يمكن أن يتطوّر الاضطراب أوّلًا في مرحلة البلوغ.
وفقًا لـ DSM، فإنّ أعراض عدم الإصغاء والتركيز هي مثلًا: التقاعس في الدراسة، في العمل، أو في أنشطة أخرى، قلّة الانتباه للتفاصيل، قلّة التركيز في فرْض أو لعبة، قلّة الإصغاء، الصعوبة في تنظيم أنشطة وإتمام فروض (مثلًا: الوظائف البيتيّة أو الواجبات في العمل)، عدم التركيز، فقدان تفاصيل ضروريّة لأنشطة / فروض أو بشكل عامّ (مثلًا: موادّ تعليم، أقلام، كتب، نظّارة، مفاتيح، أوراق وهاتف)، الارتياع والإحجام عن مهمّات تتطلّب مجهودًا نفسيًّا مطوّلًا، والنسيان. وأعراض فرط النشاط والاندفاع هي مثلًا: هزّ اليدين/الرجلَين بعصبيّة، التلوّي على كرسيّ أو صعوبة الجلوس عليه، عدم الهدوء، الثرثرة المفرطة، الإجابة قبل نهاية السؤال، صعوبة الانتظار في الدور، وإزعاج الآخرين (مثلًا: في أثناء محادثة أو لعبة).
بناءً على الأعراض التي ظهرت، يمكن تصنيف ADHD إلى واحد من ثلاثة أنواع (مع ذلك، يمكن أن تتغيّر الأعراض مع الوقت وكذلك نوع الاضطراب):
في الأساس عدم الإصغاء والتركيز: إذا كانت هناك أعراض كافية لعدم الإصغاء والتركيز ولكن ليس لفرط النشاط والاندفاع في نصف السنة الأخيرة.
في الأساس فرط النشاط والاندفاع: إذا كانت هناك أعراض كافية لفرط النشاط والاندفاع ولكن ليس لعدم الإصغاء والتركيز في نصف السنة الأخيرة.
النوع المُركَّب: إذا كانت هناك أعراض كافية لعدم الإصغاء والتركيز وكذلك لفرط النشاط والاندفاع في نصف السنة الأخيرة.
تجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ كثيرين ممّن لديهم ADHD يواجهون اضطرابات مصاحبة، مثل عسْر التعلّم، الاكتئاب، القلق، اضطراب السلوك، اضطراب النطق/ اللغة، اضطراب الشخصيّة، الاضطراب الثنائيّ القطب، والاضطراب الوسواسيّ القهريّ (OCD)، ومن المهمّ تشخيصه وعلاجه بشكل منفصل.
الأدوية المحفِّزة (المنبِّهة) هي الخيار الأوّل لعلاج ADHD دوائيًّا. فوفقًا للنظريّة الأساسيّة في هذا المجال، فإنّ ADHD يتطوّر من جرّاء ضرر يطال ضبط اثنين من الناقلات العصبيّة والكيميائيّة التي تحفّز النشاط العصبيّ: دوپامين ونورادرينالين (نوراپينفرين). وعليه، فإنّ الأدوية المنبّهة (مثل ميثيلفينيدات وأمفيتامينات)، التي تزيد من مستوى دوپامين ونورادرينالين في الدماغ، تُعتَبَر فعّالة جدًّا في علاج ADHD.
يجب أن يكون نوع الدواء ملائمًا لاحتياجات المعالَج، طبيعة مهنته، استجابته للجرعة والأعراض الجانبيّة في حال ظهورها. إذا كانت الاستجابة للدواء غير مفيدة ومرضية أو إذا ظهرت أعراض جانبيّة لا تزول، فيجب عليك عندها التشاور مع الطبيب المعالِج والتفكير في تبديل العلاج (مثلًا، لدواء من عائلة مختلفة).
لدى %70-%80 من الأطفال، تقوم الأدوية المنبّهة بتحسين السّلوك والقدرات المعرفيّة؛ مثلًا: تقلّل من العدوانيّة الجسديّة واللفظيّة وتعزّز الإصغاء والذاكرة. إلّا أنّها لا تحلّ، في الغالب، المشكلة السلوكيّة، الاجتماعيّة والدراسيّة (التحصيل الدراسيّ) بشكلٍ تامّ. لذلك، من المهمّ، بالإضافة إليها، أن يتلقّى الطفل عناية شموليّة داعمة، مثلًا: تربويّة، أسَريّة، نفسيّة وسلوكيّة (توجد مراكز تشخيص وعلاج متعدّدة الاختصاصات تقدّم مثل هذه الرعاية الشموليّة). الهدف من الرعاية التربويّة والأُسَريّة هو، على سبيل المثال، تعزيز استراتيجيّات التعلّم والتعلّم الاجتماعيّ وتحسين التكيّف والتقييم الاجتماعيّ. يحاول العلاج النفسيّ، في الأساس، تقوية المعالَج وجعله يفهم أنّ اضطرابه له أيضًا إيجابيّات وليس سلبيّات فقط. العلاج السلوكيّ الأكثر بحثًا في ADHD لدى الأطفال هو إرشاد الوالدين؛ فهذا يُعتبَر أمرًا ناجعًا بشكل خاصّ في تحسين السلوك والعلاقات الأسريّة، وخصوصًا بين الأطفال الصغار. من خلاله، يتعلّم الوالدان مهارات واستراتيجيّات تساعد طفلهم على النجاح في المدرسة، في البيت وفي شبكات العلاقات.
بالإضافة إلى ذلك، من المهمّ التشديد على العلاقة بين الطفل، الوالدين والجهاز المدرسيّ (مثلًا: التواصل اليوميّ بين المعلّم والوالدين وعقد محادثات منتظمة بين المعلّم، الطبيبة النفسيّة/ مستشارة المدرسة وبين الوالدين حول وضع الطفل ووسائل تحسين أدائه). كما يُنصَح بإجراء مُلاءَمات وتعديلات في بيئة التعليم (مثلًا: جعل الطفل قريبًا من المعلّم في الصفّ، وإرشاد الطاقم).
قد يجني البالغون فائدة من استراتيجيات العلاج تلك، وفي الأساس من الأدوية المنبّهة. فقد تبيَّن أنّها تحسّن الإصغاء لديهم، تقلّل من الاندفاع وتساعدهم في مختلف مجالات الحياة. إضافة إلى ذلك، قد يستفيد البالغون من طرق إدارة السلوك والحياة اليوميّة. إحدى هذه الطرق هي العلاج السلوكيّ-المعرفيّ (CBT) – نوع من العلاج النفسيّ غايته مساعدة المعالَج على تغيير سلوكه. على سبيل المثال، يعلّم كيفيّة إدارة الوقت بشكل فعّال، التنظيم والتخطيط على المديَيْن القصير والطويل، تقنيّات الإصغاء، التمحور والتركيز، كلمات الإطراء/ المكافآت على فعل مرغوب (مثل التحكّم في الغضب والتفكير قبل العمل)، الانضباط الشعوريّ، السيطرة على الانفعالات وإدارة التوتّر. يمكن أن يشتمل أيضًا على مساعدة عمليّة، مثل تنظيم المهامّ. ثمّة علاج سلوكيّ آخر يمكنه أن يكون فعّالًا للبالغين، للمراهقين وللأطفال وهو التدريب الحياتيّ (كوتشينغ - Coaching) – الهدف منه هو مساعدة المعالَج على بناء وتطوير تقنيّات واستراتيجيّات فعّالة لإدارة الانضباط الذاتيّ ولخلق أنماط وعادات جديدة، في مقابل التخلّص من أنماط وعادات مؤذية. يُعلّم الكوتشينغ، على سبيل المثال، كيفيّة تنفيذ أنشطة يوميّة بطريقة منظَّمة، ومحدّدة الهدف والوقت، والتمحور حول تحقيق الأهداف، وترجمة الأهداف المجرَّدة إلى خطوات عمليّة، واستخدام المكافآت بشكل فعّال وتطوير الحافزيّة.
يمكن أن نفهم، إذًا، أنّ ADHD هو اضطراب نمائيّ-عصبيّ شائع يتمّ تشخيصه، في الغالب، في مرحلة الطفولة، ولكنّه قد يستمرّ أو حتّى يُشخَّص في مرحلة البلوغ أيضًا. من المهمّ تشخيصه مبكّرًا وعلاجه لمنع حدوث ضرر للأداء السلوكيّ، الدراسيّ، الاجتماعيّ والأسَريّ.
*ليس من شأن ما ورد في هذه المقالة أن يشكّل توصية و/أو استشارة طبّيّة. لمزيد من المعلومات، يُرجى التوجّه إلى الطبيب/ة المعالِج/ة.
يرجى الانتباه إلى أنّه تمّت صياغة وكتابة المقالات الواردة في هذا الموقع أساسًا باللغة العبريّة، ومن ثمّ تُرجمت إلى اللغة العربيّة. لذلك، قد تجدون بعض الاختلافات و/أو عدم الملاءَمة التامّة بينها وبين مقالات الموقع باللغة العبريّة.