الجانب العدوانيّ والعنيف للخرف

Getty Images: delihayat

تُعتبر نوبات الغضب والانفعال مجهولة المصدر جزءًا لا يتجزّأ من المراحل المتقدّمة لقسم من أمراض الخرف. الدكتورة دانا پئير تقترح طريقة بديلة للتعاطي مع نوبات الغضب تساعد في تحييد الحالات مسبقًا

في كثير من الأحيان، لا سيّما في المراحل المتأخّرة من بعض أمراض الخرف، يضطرّ أفراد الأسرة المعتنون خصوصًا، والمحيط عمومًا، إلى التعامل مع نوبات غضب، عنف لفظيّ أو جسديّ، سخط ومشاعر صعبة أخرى من قبَل أحبّائهم. اسمحوا لي أن أقدّم وجهة نظر مختلفة حول ما يُنظَر إليه غالبًا على أنّه هجوم: بالنسبة للشخص الذي يواجه الخرف، يكون ذلك السلوك في الواقع دفاعيّ. غالبًا ما تحدث هذه النوبات في موقف طبيعيّ بالنسبة لنا، لكن بالنسبة للشخص الذي يعاني من الخرَف فهو يمثّل تهديدًا، حتّى لو لم يكن الوضع الفعليّ كذلك. في مثل هذه المواقف، أقترح تبنّي وجهة نظر جديدة وإدراك أنّ هذه النوبات غالبًا ما تحتاج إلى محفِّز، وإذا فهمنا ما الذي يطلق ردّ الفعل، فسيكون في إمكاننا تقليل المواقف التي تحدث فيها وتحييد مثل هذه المواقف مسبقًا.

أنا أعرض مساعدة، وهو يهاجم دون سبب

سأعطيكم مثالًا على موقف: يقول المعتني لشخص يعاني من الخرَف إنّه "حان الوقت للخروج من المنزل وسأساعدك على ارتداء المعطف". الشخص المصاب بالخرَف يهزّ رأسه، يبتسم ولا يقوم عن الكرسيّ. عندما يقترب المعتني مع المعطف ويمدّه نحو المعالَج، يردّ بالصراخ وبرفع يده نحو اليد الممدودة.

وفق ما يظهر يمكن القول إنّ الشخص الذي يعاني من الخرف هاجم المعتني، لكن دعونا نتأمّل الموقف بتأنٍّ: من المحتمل أنّ الشخص الذي يعاني من الخرف لم يسمع أو لم يفهم تفسير المعتني. بالنسبة له، كلّ ما رآه كان وضعًا مهدّدًا. لماذا؟ لأنّه، من ناحيته، اقترب منه شخص ما وسدّ مجال رؤيته بقطعة قماش كبيرة وحاول الإمساك بي. الردّ الوحيد الذي يعرفه في مثل هذه الحالة هو الدفاع عن نفسه أو الهجوم.

انضمّوا إلينا إلى مجتمع "نهتمّ بالمعتنين" في الفيسبوك

 

في الغالب تأتي العدوانيّة من تفسير خاطئ للوضع النابع من تطوّر الخرف Getty Images: ND1939

 
الخرَف هو مرض يصيب الدماغ، ولذلك فهو يضرّ أيضًا بالقدرة على تفسير المواقف. قدرته على التواصل تضعف بشكل كبير مع تقدّم المرض ويصبح غير قادر على التواصل بشكل طبيعيّ، كما فعل طوال حياته. يعتبر إنشاء الكلمات، الجمل واللغة عمليّة معقّدة للغاية بالنسبة إليه. يفقد الشخص المصاب بالخرف القدرة على التعبير عن مشاعره أو عواطفه بالكلمات. حتّى لو كانت لا تزال لديه القدرة على استخراج الكلمات، فأحيانًا يكون استخدامها غير دقيق وغير موفّق في التعبير عن نيّته، لدرجة أنّه يفقد أيضًا قدرته على فهم ما قيل له. حتّى لو أومأ برأسه، ابتسم وبدا أنّه موافق على شيء ما، فهذا لا يعني أنّه فهم حقًّا قصد المعتني.

السّلوك هو طريقة التواصل الأساسيّة

في الخَرَف، يؤدّي فقدان القدرات المعرفيّة إلى خلق موقف يكون فيه السّلوك في الواقع عبارة عن تواصل. السّلوك هو طريقة تواصل يقوم بها دماغ يحتضر. كلّما انخفضت القدرات المعرفيّة، يتصرّف الشخص المصاب بالخرف أكثر فأكثر على أساس ردود الفعل والدوافع. لذلك، يجب النظر إلى تعبيرات العدوانيّة/ العدائيّة/ العنف الجسديّ في الخرَف على أنّها سلوك، أو ردّ فعل، نابع من فهم الشخص المصاب بالخرف لما يحدث حوله. 

تستند ردود الفعل على البيئة الخارجيّة إلى تفسير المحفّزات من البيئة وهذا يتضرّر بشكل كبير في الخرف، لأنّه يؤدّي إلى تشويه في التفسير. يحدث هذا بسبب تغيّرات في جودة استيعاب الحواسّ، والتي تتضرّر عادة مع التقدّم في السنّ. في الخرف، تضاف الصّعوبات في تفسير المعلومات التي تأتي من الحواسّ، ما يضعف القدرة على معالجة ما يستوعبونه. معالجة الكلمات والجمل وفهمها يأخذان بالتقلّص مع تقدّم الخرف منذ المرحلة المتوسّطة من تطوّر الخرف، حيث يكون المعالَج قادرًا على فهم كلمة واحدة من كلّ 4 كلمات في المتوسّط، ​​ومع تقدّم المرض يتفاقم الوضع أكثر ويقلّ الفهم.

يجب أن تبدأ أيّة محاولة للتعامل مع عنف و/أو عدوانيّة الشخص المصاب بالخرف من فهم الموقف من وجهة نظره، وكيف كان يمكن أن ينظر إلى وضع ما، وما الذي حاول توصيله إلى البيئة بهذا السلوك. ووفقًا لهذا التحليل ينبغي اختيار المعالجة/ الاستجابة/ التعامل من قبَل البيئة المحيطة. التأكّد من الفهم، القدوم من الجانب وليس من الأمام، لأنّ هذا يمكن أن يخلق شعورًا بالخوف، في الغالب. يتيح لنا فهم المحفّزات التي تُنتِج ردّ الفعل تقليل السلوك العدوانيّ أو العنيف إلى الحدّ الأدنى وإبعاد المواقف التي قد تُفسَّر على نحو خاطئ.

أتريدون التعرّف على خبرائنا؟ هنا يمكنكم أن تقرأوا المزيد عنهم

يهدف هذا الموقع إلى المساعدة والتسهيل وإتاحة الوصول إلى قسمٍ من المعلومات الكثيرة المتراكمة التي في حوزتنا، والتي تعتمد، من جملة المصادر، على المعلومات التي تمّ نقلها إلينا من قبَل منظّمة Caregivers Israel و/أو المنشورة من قبَل سلطات عامّة مختلفة. إنّ المضمون أعلاه لا يشكّل، بحالٍ من الأحوال، استشارة قانونيّة أو غيرها، ولا يجوز الاعتماد على المضمون دون تلقّي مشورة ملائمة. إنّ المعلومات هنا عامّة وقد لا تعكس الإجراءات القانونيّة، النظام القانونيّ والأنظمة ذات الصلة، بشكل كامل و/أو مُحدَّث. ستعمل الشركة على تحديث المعلومات المقدَّمة في هذا الموقع كلّما أحيطت علمًا بالتحديثات.

*ليس من شأن ما ورد في هذه المقالة أن يشكّل توصية و/أو استشارة طبّيّة. لمزيد من المعلومات، يُرجى التوجّه إلى الطبيب/ة المعالِج/ة.

يرجى الانتباه إلى أنّه تمّت صياغة وكتابة المقالات الواردة في هذا الموقع أساسًا باللغة العبريّة، ومن ثمّ تُرجمت إلى اللغة العربيّة. لذلك، قد تجدون بعض الاختلافات و/أو عدم الملاءَمة التامّة بينها وبين مقالات الموقع باللغة العبريّة.


مقالات أخرى حول الموضوع

الأدوية، الغذاء وما بينهما: ما يجدر بفرد الأسرة المعالَج أن يعرفه

الأمور التي يجدر بفرد الأسرة المعتني أن يعرفها عن الخرف ومرض ألزهايمر